يمكن اعتبار الفن محاكاة للطبيعة حيث يرى جملة من الفلاسفة أن الفنان عندما يرسم لوحة ، أو ينظم قصيدة شعرية ، أو ينقش صخرا ، إنما هو يحاكي ما هو موجود في الطبيعة ، وأشهر الفلاسفة الذين أكدوا ذلك نجد الفيلسوف اليوناني (أفلاطون) Platon الذي اعتبر أن الفن يمتلك فعلا وظيفة حقيقة تعزى إليه ألا وهي المحاكاة ، وما على الفنان إلا أن يدير المرآة في جميع الاتجاهات فيعكس ما يدركه كما تعكس المرآة الأشياء ، لان هذا الفنان في انتاجاته يعكس خيال الأشياء لا جوهرها، قال (أفلاطون) :" إن الشاعر أو المصور يستطيع أن يخلق كل النباتات والحيوان ونفسه ، والسماء والآلهة ، فكل ما يحتاجه هو أن يأخذ المرآة ويديرها في كل الاتجاهات ".
ومن أمثلة ذلك : الرسام الذي يرسم سريرا إنما يحاكي السرير الذي صنعه النجار ، الذي بدوره حاكى صورة السرير وبهذا فهو يحاكي المطهر لا الجوهر .
قال (فرانسوا شاتلي) F.Chatlli :"والسرير هو المثل الذي يضربه (أفلاطون) في الجمهورية ؛ إذ يبين بوضوح هذه المحاكاة ، فوراء كثرة الأسرة مثال واحد للسرير ، والذي يصنع السرير ينظر إلى مثال السرير قبل كل شيء فهو يحاكي المثال ، أما المصور فهو يصنع أيضا سريرا ، ولكن هذا السرير هو محاكاة سرير النجار الذي هو بدوره محاكاة لمثال السرير ".
إذن فــ : (أفلاطون) يرى أن الفن تقليد للطبيعة ، والفنان يقلدها فيحسنها ، والطبيعة الحية في نظره ما هي إلا مجموعة أشباح وظلال كاذبة لعالم المعقول ، فأصبح بذلك عمل الفنان تقليد التقليد ، اي ان الفن "محاكاة المحاكاة".