· توحيد عمان والجهاد ضد البرتغاليين في عهد الإمام ناصر بن مرشد (1624 – 1649م):
بدأ الإمام ناصر عهده بالعمل على استتباب الأمن ، وتوحيد البلاد في دولة مركزية قوية ، وبعد أن نجح في ذلك ، وأصبح لديه جيش قوي ، واستعد لمحاربة البرتغاليين ، وبدأ بتنفيذ ذلك على مراحل :
1- أعد الإمام ناصر قوات كبيرة بقيادة الشيخ مسعود بن رمضان ، لطرد البرتغاليين من مسقط وما حولها ، واتخذ من مطرح مركزا لتجمع قواته ، والتقى الطرفان في "طوي الرولة"فكان النصر حليف العمانيين ، حيث تمكنوا من هدم بعض الأبراج والمباني التي تحصن بها البرتغاليون ، ولكنهم لم يتمكنوا من تحرير مسقط ، وانتهت المعركة بعقد صلح ، اعتبرت شروطه في صالح العمانيين وتعهد البرتغاليون بموجب هذا الصلح بما يأتي :ـ
- التنازل عن الأراضي والمباني التابعة لهم في منطقة صحار.
- دفع جزية سنوية للإمام ناصر بن مرشد .
- السماح للعمانيين بزيارة مسقط دون أية عقبات .
2- طلب الإمام ناصر من" حافظ بن سيف" واليه على منطقة لوى ، أن يستولي على صحار ، ويبني فيها قلعة فكان له ما أراد ، فقد تمكن حافظ بن سيف من هزيمة البرتغاليين في منطقة البدعة في صحار عام 1633م .
3- جهز الإمام ناصر جيشا كبيرا بقيادة القاضي خميس بن سعيد الشقصي ، وأمره بالتوجه لتأديب البرتغاليين في مسقط ، لأنهم رفضوا مواصلة دفع الجزية ، وعندما وصل الجيش إلى مطرح ، اضطر البرتغاليون إلى عقد صلح جديد ، وتعهد البرتغاليون بموجبه بالآتي :
- مواصلة دفع الجزية المتفق عليها .
- تسليم المناطق المحصنة التي يحتلونها في مطرح .
- ضمان حرية التجارة في المناطق التي يسيطرون عليها .
4- كلف الإمام ناصر ابن عمه "سلطان بن سيف "بمحاربة البرتغاليين في كل من صور وقريات ، وكان التوفيق حليفه في هذه الحروب ، حيث استولى عليهما .
· تصفية الوجود البرتغالي في منطقة مسقط في عهد الإمام سلطان بن سيف الأول (1649-1680م):
بويع الإمام سلطان بن سيف بالإمامة ، بعد وفاة الإمام ناصر بن مرشد عام 1649م ، فأخذ يعد العدة للقضاء على البرتغاليين . وفي عام 1650م ، طلب من جميع القبائل أن تجتمع إليه ، واتخذ من "طوي الرولة"قاعدة لجيشه ، وبدأ يشن الهجمات ضد البرتغاليين ، الذين لم يكن تحت سيطرتهم إلا منطقة مسقط .
تبادل البرتغاليون والعمانيون شن الهجمات ، وقد طالت الحرب بين الطرفين ، حتى كاد الإمام أن يتراجع عن الحصار ، فلم تكن للبرتغالييين قدرة على مواجهة الحصار ، ولم يكن للعمانيين القدرة على دخول مسقط ، وبعد أن تلقى الإمام معلومات مهمة عن حقيقة الأوضاع داخل مسقط ، وأن قوة البرتغاليين ومؤونتهم أخذت بالنفاد ، فقرر حسم المعركة وبدأ هجومه بع صلاة الفجر ، وحاصر البرتغاليين في قلعة الجلالي ، وبعد أن نفدت مؤونتهم ، اضطروا إلى التسليم ، ومغادرة القلعة .
وحاصر العمانيون حصن مطرح ، وأخذوا بمهاجمته ، فاضطر القائد البرتغالي إلى التسليم ، ولم يبق للبرتغاليين غير سفينتين كانتا تحاصران مسقط ، إلا أن العمانيين تمكنوا من إغراقهما .
وعندما وصلت هذه الأخبار إلى السلطات البرتغالية في الهند ، أسرعت بإرسال أسطول برتغالي كبير ، ولكنه وصل متأخرا ، فقد كانت كل القلاع والحصون البرتغالية قد سقطت بأيدي العمانيين . ولم تنجح محاولاتهم باسترداد مسقط . وبنهاية عام 1652م لم يبق للبرتغاليين إلا وكالة تجارية على الساحل الشرقي للخليج العربي .
بعد هزيمة البرتغاليين عين الإمام سلطان ابنه " بلعرب" والياً على مسقط ، وعاد هو إلى نزوى ، فاستقبل استقبال الأبطال . وبعد هذا الانتصار ، صمم على مواصلة الجهاد ضد البرتغاليين ،على امتداد شواطئ المحيط الهندي .
اليعاربة يكونون قوة بحرية عظيمة :
قرر الإمام سلطان بن سيف الأول أن ينقل جهاده ضد البرتغاليين من البر إلى البحر ، فعمل على تكوين قوة بحرية ، حتى أصبح له أسطول قوي يتكون من عدد من السفن الحربية المجهزة بالمدافع الكبيرة بعيدة المدى ، يتبعه عدد من السفن والقوارب المجهزة بمدافع صغيرة الحجم والمدى . كما كان الأسطول التجاري يشترك أحيانا مع الأسطول الحربي في بعض العمليات الحربية . وبهذه القوة البحرية أصبح الأسطول العماني في عهد اليعاربة سيد المحيط الهندي والخليج العربي ، وأصبح على درجة من القوة تخشاه فيها الأساطيل الإنجليزية والهولندية .
وقد تمكن الأسطول الحربي زمن اليعاربة ، من تحقيق إنجازات مهمة ، ساهمت في بناء الدولة العمانية ، وتوسيع نفوذها . ومن أبرز هذه الإنجازات :
- القيام بعدة حملات بحرية لمهاجمة الجزر والموانئ التي كانت تحت السيطرة البرتغالية في المحيط الهندي ،وعلى سواحل الهند الغربية .
- وضع حد للنفوذ البرتغالي في شرقي أفريقيا ، فقد هاجم الأسطول العماني المستعمرات البرتغالية في زنجبار وبمبا ، ودمر الحاميات العسكرية فيها . ونجح في تحرير ممباسا من يد البرتغاليين ، حيث أصبحت تابعة لعمان ، وتقوم بدفع الجزية السنوية لها .
- اتساع الدولة العمانية زمن اليعاربة ، فما أن بدأ القرن الثامن عشر الميلادي ، حتى كان اليعاربة يحكمون دولة يمتد نفوذها السياسي ليغطي منطقة الخليج وسواحل أفريقيا الشرقية .
سجل تاريخي لأئمة اليعاربة :
- الإمام ناصر بن مرشد (1624 – 1649م) مؤسس دولة اليعاربة ، أنشأ جيشاً قوياً ، فوحد البلاد ، وبدأ بمحاربة البرتغاليين .
- الإمام سلطان بن سيف الأول ( 1649 – 1680م): طرد البرتغاليين من عمان ومنطقة الخليج ، وعمل على بناء أسطول بحري لمحاربتهم في البحر .
- الإمام بلعرب بن سلطان (1680 – 1692م): استمر بعد والده في سياسة البناء والإعمار ، فاستصلح الأراضي ،وقام ببناء حصن جبرين .
- الإمام سيف بن سلطان الأول(1692 – 1711م): عمل على تقوية الأسطول والجيش ،وتابع سياسة مقاومة البرتغاليين في شرقي أفريقيا ، والهند .
- الإمام سلطان بن سيف الثاني (1711 – 1718م) : تطور الأسطول في عهده ، وتمكن من إعادة السيادة العمانية على مياه الخليج والمحيط الهندي .
- الإمام سيف بن سلطان الثاني (1718 – 1741م): بدأ ضعف الدولة في عهده نتيجة للخلافات الداخلية ، مما فتح المجال للتدخل الأجنبي في شؤون البلاد .
- الإمام سلطان بن مرشد اليعربي (1741 – 1744م) : تمكن من القضاء على الفتن الداخلية ، واتخذ الرستاق عاصمة له ، نجح في رد الهجوم الفارسي على صحار . انتهت دولة اليعاربة بعد وفاته ، أجمع أصحاب الحل والعقد في عمان على مبايعة والي صحار آنذاك ( أحمد بن سعيد) إماماً على عمان