746 مشاهدة
من هو الله محمد حسان مكتوبة
بواسطة

1 إجابة واحدة

0 تصويت
لم أجد خطبة من هو الله ولكن وجدت خطبة الطريق إلى الله هما لهما نفس الموضوع تقريبا هاهي الخطبة

الموضوع:خطبه هل نعرف الله ؟ (للشيخ محمد حسان حفظه الله
====================================

إنّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله .

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) آل عمران/102 .

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) النساء/1 .

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) الأحزاب70/71 .

أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى نبينا محمد وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

ثم أما بعد ..

فحياكم الله أيها الأخوة الفضلاء وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا ، وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته ، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته ، إنه ولى ذلك والقادر عليه ..

أحبتي في الله هل نعرف الله ؟

هذا السؤال هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم ، وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم جوابي على هذا السؤال الذي يبدو غريباً لأول وهلة في العناصر المحددة التالية .

أولاً : جدد إيمانك ومعرفتك بالله جلا وعلا .

ثانياً : مع القرآن الكريم في آفاق السماء .

ثالثاً : مع القرآن الكريم في جنبات الأرض .

رابعاً : مع القرآن الكريم في مراحل خلق الإنسان .

وأخيراً : عتاب مخجل .

فأعرني قلبك وسمعك أيها الحبيب الكريم ، والله أسأل أن يجعلني وإياكم ممن ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) الزمر/18

أولا : جدد إيمانك ومعرفتك بالله جل وعلا :

إن الإيمان يزيد وينقص قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِم ) الفتح/4 وقال النبي في الحديث الذي رواه الطبراني بسند حسن : ” إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ” أى : كما يبلى الثوب ” فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم” (1)

فنحن في أمس الحاجة إلى أن نجدد إيماننا ومعرفتنا بالله جل جلاله من آن لآخر (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) البقرة/255 .

( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الحشر22/24 .

( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) (الإخلاص)

وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعرى أن النبي قال : “إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار، قبل عمل الليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه” (1)

وفي صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أن حبراً من أحبار اليهود جاء يوما إلى النبي وقال : يا محمد إنا نرى عندنا في التوراة أن الله تعالى يجعل السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، والشجر على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع ثم يهزهن ، ويقول : أنا الملك ، فضحك النبي حتى بدت نواجذه – تصديقاً لقول الحبر – وقرأ النبي قول الله تعالى :

( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر/67) .

وفي صحيح مسلم من حديث أنس قال : نهينا أن نسأل رسول الله فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية ليسأل رسول الله ونحن نسمع فجاءه إعرابي فقال : يا محمد لقد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك – انظر إلى هذا الخطاب الشديد : لقد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك فقال صاحب الخلق
الكريم : ” صدق ” أي صدق رسولي ، انظر إلى هذا الإعرابي الفقيه .

فقال للنبي : يا محمد فمن الذي خلق السماء ؟ فقال المصطفى ” الله “

فقال الإعرابي : فمن الذي خلق الأرض ؟ فقال المصطفى : ” الله ” فقال الإعرابي : فمن خلق الجبال وجعل فيها ما جعل ؟ فقال المصطفى : ” الله ” فقال الإعرابي الفقيه : فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال وجعل فيها ما جعل آلله أرسلك ؟ فقال المصطفى ” نعم” (1)

الشاهد من الحديث أن جواب النبي على كل هذه الأسئلة كانت بكلمة واحدة ألا وهي لفظ الجلالة : ” الله ” الله هو الاسم المفرد العلم الدال علي كل أسماء الجلال وصفات الكمال ، لذا نسب الأسماء الحسنى كلها إليه قال تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ )(الحشر/23)

فالقدوس من أسماء الله ، والسلام من أسماء الله ولا يقال : الله من أسماء القدوس ، ولا يقال : الله من أسماء العزيز ، فهو الاسم المفرد العلم الدال على كل الأسماء الحسنى والصفات العلا. لذا قال الإمام ابن القيم والإمام الطحاوى : لفظ الجلاله على الراجح أنه اسم الله الأعظم الذي إن سئل به أعطى ، وإن دعي به أجاب ، فهو الاسم الذي ورد ذكره في القرآن ما يقرب من ألف مرة ، هو الأسم الذي ورد ذكره في القرآن ما يقرب من ألف مرة ، الله هو الاسم الذي ما ذكر في قليل إلا كثره ، الله هو الاسم الذي ما ذكر عند خوف إلا أمنه ، الله هو الاسم الذي ما ذكر عند هم إلا فرجه الله ، هو الأسم الذي ما ذكر عند غم إلا أزاله الله ، هو الاسم الذي ما تعلق به فقيراً إلا أغناه الله ، هو الاسم الذي ما تعلق به ضعيف إلا قواه الله ، هو الأسم الذي ما تعلق به مظلوم إلا نصره وآواه.

هو الاسم الذي تُستنزل به الرحمات ، هو الاسم الذي تستجاب به الدعوات ، هو الأسم الذي تقال به العثرات ، هو الاسم الذي تستدفع به النقم ، هو الاسم الذي قامت له وبه الأرض والسموات ، الله ، الله .

الله : اسم لصاحبه كل جلال ، الله : اسم لصاحبه كل كمال ، الله : اسم لصاحبه كل جمال ، الله : جدد إيمانك بالله ، فإن الإيمان به أصل السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة ، لذا لست مبالغاً أيها الفضلاء إن قلت بأن القرآن الكريم كله من أوله إلى آخره حديث عن الإيمان بالله جل جلاله ، والقرآن الكريم يخاطب سكان الصحراء ، وسكان البادية ، وسكان القرية والمدينة ، ويخاطب عالم الذرة وعالم الفضاء .

لذا فإن أعظم أسلوب للتعريف علي الله تعالى هو أسلوب القرآن الكريم فالقرآن يستنطق أعماق أعماق الفطرة ، يخاطب أعماق أعماق الفطرة ، ليستنطقها بوحدانية الله جل جلاله وهذا هو عنصرنا الثاني بإيجاز .

مع القرآن الكريم في آفاق السماء :

أيها الحبيب : أنا أعلم أنك ترى السماء كل يوم ، ولكنني أخاطبكم اليوم أن تجدد النظر إلى السماء ، إن نظرة فاحصة متأنية إلى السماء في ليلة صافية تملأ القلب بالرهبة والعظمة والخشوع ، لذي العظمة والإبداع والجلال .

إن بلادة الألفة قد تنسى الإنسان أن يتفكر في آيات الله جل وعلا ، في هذه القبة السماوية الزرقاء مع أنك لو نظرت إليها بعين التدبر والتفكر لوجدت رب الأرض والسماء رفعها بغير عمد ترونها وزينها بالكواكب ، والنجوم ، والشموس والأقمار ، إنه جمال متجدد متعدد بالألوان من ليلة مظلمة ، لليلة صافية لشروق ، لصباح ، لليلة باردة ، لليلة حارة ، جمال متجدد جمال متعدد .

انظر إلى هذه الآية لتتعرف على عظمة الخالق جل جلاله (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) (الذريات/47) ، وقال تعالى : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (الواقعة/76) وقال تعالى : ( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) (قّ/6) .

تدبر ، انظر إلى هذه النجمة الوحيدة التي انفردت بعيدا بعيدا وحدها في أفق السماء وكأنها عين طفلة جميلة تلتمع بالبراءة والصفاء ، ثم انظر إلى هاتين النجمتين المنفردتين كأن كل واحدة منها تناجى الأخرى ، ثم انظر إلى هذه المجموعة المتضامنة المتشابكة ، وكأنها قد انضمت إلى بعضها البعض في عرس بهيج سعيد جميل .

انظر إلى هذه الآيات لتتعرف على عظمة رب الأرض والسماوات ثم انظر إلى الشمس ، وانظر إلى القمر ( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ(37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) (يّـس/38) ، ( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (يّـس/40)

لقد قال رئيس أكاديمية العلوم في نيويورك : لقد توصلنا بعد عديد من التجارب والدراسات أن هذا الكون كان نتيجة عملية خلق مبدعة ، نعم إنه كتاب مفتوح يملأ القلب بالإيمان بالله ، بمعرفة الله تعالى .

الشمس والبدر من لآثار قدرته
والطير سبحه والوحش مجده
والنمل تحت الصخور الصم قدسه
والناس يعصونه جهرا فيسترهم

والبر والبحر فيض من عطاياه
والموج كبره والحوت ناجاه
والنحل يهتف حمدا في خلاياه
والعبد ينسى وربى ليس ينساه

أيها الأحبة في الله : لو ترك القمر مداره الذي يدور فيه وحدده له مدبر الكون ، لو ترك القمر مكانه إلى أعلى أو إلى أسفل قليلا ، لاختلت حركة المد والجزر على ظهر الأرض ، وغرق كل حي على سطح الأرض ، ولو تركت الشمس مدارها وابتعدت عن مدارها قليلا إلى أعلى ، أو إلى أسفل لو ارتفعت قليلاً لتجمد كل حي على ظهر الأرض، ولو نزلت إلى الأرض عن مدارها قليلا لاحترق كل حي على ظهر الأرض .

ألم تقرأ معي قول الله تعالى : (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) ( يس/37) آيات ، انظر إلى السماء لتتعرف على عظمة رب الأرض والسماوات ثم ها هو القرآن ينقلنا من آيات السماء إلى جنبات الأرض وهذا هو عنصرنا الثالث بإيجاز .

مع القرآن الكريم في آفاق الأرض :

هذه الأرض التي نعيش عليها ونحيا ، ربما نسينا كثيرا ما أودع الله فيها من آيات تأخذ بالقلوب والألباب ، لأنني كما ذكرت أن بلادة الألفة قد تنسى الإنسان آيات الله الكثيرة معه في هذه الأرض (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ(33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ(34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ(35)سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (يّـس/33-36) ، وقال سبحانه : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك:15) .

نعم إن الأرض دابة ذلول ، بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ ، إن الأرض دابة ذلول، ولكنها في الوقت ذاته دابة حلوب تدر على أهلها من الخيرات والنعم ما لا يعد ولا يحصى ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ) (ابراهيم/34)

سل الواحة الخضراء والماء جارياً
سل الروض مزداناً سل الزهر والندى
وسل هذه الأنسام والأرض والسما
فلو جن هذا الليل وامتد سرمدا

وهذه الصحارى والجبال الرواسيا
سل الليل والإصباح والطير شادياً
وسل كل شئ تسمع التوحيد سارياً
فمن غير ربى يرجع الصبح ثانيا

أَإِلَهٌ معَ الله ؟ أَإِلَهٌ معَ الله ؟

انظر لتلك الشجرة
كيف نمت من حبه
ابحث وقل من ذا الذي
ذاك هو الله الذي
ذو حكمة بالغه
وانظر لتلك الشمس التي
فيها ضياء وكذا
ابحث وقل من ذا الذي
ذاك هو الله الذي
ذو حكمة بالغة

ذات الغصون النضره
وكيف صارت شجره
يخرج منها الثمره
أنعمه منهمره
وقدرة مقتدره
جذوتها مستعره
حرارة منتشرة
يخرج منها الشرره
أنعمه منهمره
وقدرة مقتدره

لقد أثبت العلم الحديث أن الأرض تلك الدابة الذلول المذللة المسخرة ، أثبت العلم الحديث أن الأرض تدور حول نفسها بسرعة مذهلة تصل إلى (1000) ميل في الساعة .

تصور .. وأنت لا تشعر بهذه الحركة ، لأنها ذلولة مذللة تدور حول نفسها بسرعة تقدر بـ (1000) ميل في الساعة الواحدة ، وتدور الأرض حول الشمس بسرعة تقدر بحوالي (65000) ميل في الساعة الواحدة ، ثم تدور مع المجموعة الشمسية دورة أخرى كاملة بسرعة تقدر بـ (20000) ميل في الساعة الواحدة وراكبها لا تتمزق أشلاؤه ، ولا تتحطم أعضاؤه ، لأنها دابة ذلول ذللها ربنا جل وعلا وسخرها لبنى الإنسان ليعيش عليها هانئاً آمناً مطمئناً وفي الوقت ذاته ربما يتجرأ بالكفر بالله جل وعلا وربما يتجرأ على معصية الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

هذه الأرض أيها الأحبة مشحونة بالآيات التي يجب علينا أن ننظر فيها ، وأن نتفكر فيها لنتعرف من خلال هذه الآيات على الخالق – رب الأرض والسماوات – ليتجدد إيماننا في قلوبنا ولنزداد حبا ومعرفة لربنا تبارك وتعالى .

وها هو القرآن ينتقل بنا من آفاق الأرض إلى مراحل الخلق .

أيها الحبيب : هل عرفت أصلك وكيفية خلقك ؟ قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) (المؤمنون/12) هذا من حيث الأصل ( ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون/13-14)

يلتقي الرجل بامرأته في الحلال الطيب ، فيلقى نطفته ، تلك النطفة التي تحتوى على مئات الملايين من الحيوانات المنوية ، فتتسابق كل هذه الملايين من الحيوانات المنوية لتصل إلى عروس واحدة .

نعم إنها عروس ، وما أبعدت النجعة حينما قلت : إنها عروس ، إنها البويضة التي تخرج كعروس مزينة لزوجها في ليلة الزفاف ، تخرج البويضة من الرحم مرة واحدة كل شهر ، تخرج وعليها تاج مشع ، وهذه اللفظة ليست اصطلاحا بلاغياً ولا أدبياً من عندي، بل إنها اصطلاح علمي ، تخرج وعليها تاج مشع لعلها تلفت نظر الحيوانات المنوية الهائلة ، فتتسابق كل هذه الحيوانات لتصل إلى هذه العروس الواحدة فتموت كل الحيوانات المنوية في الطريق ، ولا يصل إلى البويضة إلا حيوان منوي واحد .

تلك الحقيقة العلمية الهائلة التي لم تكشف إلا في السنوات القليلة الماضية قد أخبر بها الصادق الذي لا ينطق عن الهوى منذ قرن ونصف تقريبا قال عليه الصلاة والسلام : ” ما من كل الماء يكون الولد وإذا أراد الله خلق شئ لم يمنعه شئ ” (1).

فإذا وصل الحيوان المنوي إلى جدار البويضة تقوم البويضة بفرز سائل من وظائفه أن يمسك بالحيوان المنوي على جدارها ، فإذا التصق الحيوان المنوي بجدار البويضة أفرز هو الأخر سائلا ، من وظائفه أن يبدد التاج المشع على جسم البويضة ، ليسهل عليه أن يخترق جدارها ، فإذا اخترق الحيوان المنوي جدار البويضة أغلقت عليه وأحكمت الإغلاق ولا تسمح بعد ذلك لأي حيوان منوي آخر أن يخترق جدارها .

اسمحوا لي أن أسأل وأقول : من الذي علم البويضة ذلك ، قف مع كل آية ، ثم بعد ذلك تتحول النطفة الأمشاج بعد تخصيب البويضة إلى علقه ، وسميت بالعلقة ، لتعلقها بجدار رحم المرأة ، وبعد أيام تتمايز العلقة إلى طبقتين : طبقة خارجية ، وطبقة داخلية ، الطبقة الخارجية وظيفتها أن تمتص الغذاء من جدار الرحم لتوصله إلى الطبقة الداخلية من طبقتي العلقة التي هي مسؤولة بأمر رب العالمين عن نمو الجنين داخل رحم أمه ثم تتحول العلقة إلى مضغة .

وسمى القرآن الجنين في هذه المرحلة بالمضغة ، لأن الجنين يشبه قطعة اللحم الممضوغة بالأسنان تماماً ثم تتحول المضغة إلى عظام .

أخي الحبيب : لاحظ أنني لم أقل : ثم تتحول المضغة إلى عظم بل إلى عظام إلى هيكل عظمى في غاية التناسق والجمال والإبداع ، وانظر إلى الهيكل العظمى للإنسان ، إلى عظام الوجه والصدر والذراعين والساقين ، والظهر سترى هيكلاًَ عظمياً وضع بغاية الدقة والتناسق والإبداع ثم يكسى هذا الهيكل العظمى باللحم .

ثم تأتى مرحلة الخلق الآخر ألا وهى مرحلة نفخ الروح وهنا صرخ عالم شهير من أشهر علماء الأجنة في الأرض إنه (ألكس إسكرل) ذلكم العالم الذي راقب مراحل نمو الجنين في رحم امرأة يوما بعد يوم وساعة بساعة ، فلما تحولت النطفة إلى علقه ما اهتم كثيرا ، ولما تحولت العلقة إلى مضغة ، والمضغة إلى عظام وكسيت العظام باللحم ، كان الأمر عادياً جداً عند هذا العالم ولما نفخت الروح في الجنين وتحرك الجنين حركة كاملة في رحم أمه ، صرخ هذا العالم صرخة وقال كلمة جميلة قال : ( Here Is God ) هنا الله ، هنا الله ، من أين جاءت هذه الحياة ؟ ومن أين دبت هذه الروح ؟ (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون/14)

ثم انظر إلى خلقك بعد ذلك فنظرك فيك يكفيك على أن الذي يستحق أن يعبد هو الله ، فنظرك فيك يكفيك على أن الذي يستحق أن يوحد هو الله ، فنظرك فيك يكفيك على أن الذي يستحق أن يكون الخالق المبدع هو الله .

انظر إلى الوجه ، انظر إلى العين ، انظر إلى الأنف ، انظر إلى الفم ، انظر إلى الأذن، فلقد خلق الله العين ووضعها في علبة عظيمة قوية متينة وظللها بالرموش حتى تعكس أشعة الشمس حتى لا تؤذى العين .

ومنَّ الله عز وجل علينا بماء داخل العين ، إنه ماء مالح إنها الدموع ، فماء العين مالح ، وماء الأنف حامض ، وماء الأذن مر ، وماء الفم حلو ، وأصل الماء واحد وهو رأسك أيها الإنسان ، وجعل الله ماء الأنف حامضاً ثخيناً ثقيلاً ، لتتعلق به الميكروبات أثناء التنفس فهو فلتر للتنقية ، وجعل الله ماء الأذن مرا حتى لا تتسرب الحشرات لأذنك يابن آدم وأنت نائم ولا تدرى وجعل الله ماء الفم حلو لتتذوق به ألوان الطعام
أإله مع الله ؟ .

ثم انظر إلى الأسنان ، تمد يدك فتمسك الأصابع والأنامل بأسلوب جميل وتمد اللقمة إلى فمك ، أو تضع اللقمة في فمك فتقطع القواطع وتمزق الأنياب وتطحن الضروس ويتحرك اللسان ويفرز اللعاب .

ثم تأتى إلى هذه البوابة المنيعة الحصينة التي تسمى بلسان المزمار التي لو تعطلت عن وظيفتها لحظة ، بل ثانية بل ميكرو ثانية ، لربما هلك الإنسان ، هذه البوابة المنيعة التي تسمى بلسان المزمار ، جعلها الله عز وجل في موطن عجيب ، فهي تسد البلعوم عند التنفس ، وتسد القصبة الهوائية عند البلع ، حتى لا ينزل الطعام إلى المريء ، وحتى لا ينزل التنفس إلى المعدة .

انظروا إلى دقة وعظمة الخالق تبارك وتعالى ، إلى حكمة وعظمة الخالق تبارك وتعالى ، ثم ينزل الطعام إلى المعدة ، فتقوم المعدة بدورها ويقوم البنكرياس بدوره ، ويقوم الكبد بدوره ، وتقوم الأمعاء الدقيقة بدورها ، والأمعاء الغليظة بدورها ، ثم يتحول هذا الطعام إلى دم ، فيقوم القلب بدوره فيضخ هذا الدم عن طريق هذا الملك الذي استقر في أعلى الإنسان ، ألا وهو المخ عن طريق إشارات الاستقبال والإرسال كل هذا من صنع من ؟ كل هذا من خلق من ؟ كل هذا من صنع من ؟ كل هذا من خلق من ؟

قل للطبيب تخطفته يد الردى

يا شافي الأمراض من أرداكا

قل للمريض نجا وعوفي بعد ما

عجزت فنون الطب من عافاكا

قل للصحيح مات لا من علة

من يا صحيح بالمنايا دهاكا

بل سائل الأعمى خطا وسط الزحام

بلا اصطدام من يا أعمى يقود خطاكا

بل سائل البصير كان يحذر حفرة

فهوى بها من ذا الذي أهواكا

وسل الجنين يعيش معزولا بلا

راع ومرعى من ذا الذي يرعاكا

وسل الوليد بكى وأجهش بالبكا

لدى الولادة ما الذي أبكاكا

وإذ ترى الثعبان ينفث سمه

فسله من يا ثعبان بالسم حشاكا

واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو

تحيا وهذا السم يملأ فاكا

واسأل بطون النحل كيف تقاطرت

شهدا وقل للشهد من حلاكا

بل سائل اللبن المصفى من بين

فرث ودمٍ من ذا الذي صفاكا

وإذا رأيت النخل مشقوق النوى

فاسأله من يا نخل شق نواكا

وإذا رأيت البدر يسرى ناشرا

أنواره فاسأله من أسراك

وإذ ترى الجبل الأشم مناطحا

قمم السحاب فسله من أرساكا

وإذا رأيت النار شب لهيبها

فاسأل لهيب النار من أوراك

لله في الآفاق آيات لعل

أقلها هو ما إليه هداكا

ولعل في النفس من آياته

عجب عجاب لو ترى عيناك

الكون مشحون بأسرار

حاولت تفسيرا لها أعياكا

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولى المتقين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، قائد الغر الميامين اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ..

أما بعد ..

فيا أيها الأحبة الكرام

وأخيرا : عتاب مخجل :

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ(7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) (الانفطار6-8) روى الإمام أحمد في مسنده بسند حسن أن النبي (ص) بصق يوما على كفه ووضع إصبعه عليها ثم قال : ” قال الله تعالى : يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت : أتصدق وأنى أوان الصدقة “(1)

أيها الحبيب : هذا الإله العظيم الذي تعرفنا على شئ يسير من نعمه وآياته علينا ؟ أى يستحق أن نفرده بالتوحيد ؟ ألا يستحق أن نفرده بالسؤال والاستعانة والتوكل والرجاء والإنابة ؟

أيها الحبيب هيا جدد إيمانك به جلا وعلا ، إذا سألت فسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله فلا تحلف إلا به ، ولا تقدم النذر إلا له ولا تتوكل إلا عليه ولا تفوض أمرك إلا إليه ولا ترج إلا الله .

يا صاحب الهم إن الهم منفرج
والله ما لكم غير الله من أحد

أبشر بخير ، فأن الفارج اللهفحسبك الله في كل لك الله

روى البخاري ومسلم من حديث معاذ بن جبل قال : كنت رديف النبي يوما على حمار فقال النبي لمعاذ ” يا معاذ أتدرى ما حق الله على العباد ؟ ” فقال معاذ : الله ورسوله أعلم : فقال النبي ” حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا ” (1)

فحق الله علينا أن نعبده وأن نوحده ، وأن نفرده بالطاعة وأن نمتثل أمره وأن نتجنب نهيه وأن نقف عند حده .

فهيا أيها المسلمون : جددوا العبودية لله تبارك وتعالى ، امتثلوا أمره واجتنبوا نهيه ، وقفوا عند حده تبارك وتعالى ، والعبادة ليست أمراً على هامش الطريق فالعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة وأركانها كمال الذل لله ، مع كمال الحب لله ، وشروط قبولها من الله أن تكون مخلصاً تبتغى بعبادتك وجه الله ، وأن تكون موافقاً في عبادتك لهدى الحبيب رسول الله صل الله عليه وعلي اله وصحبه وسلم
بواسطة (3.1ألف نقاط)

اسئلة مشابهه

1 إجابة
202 مشاهدة
0 إجابة
49 مشاهدة
سُئل مارس 16، 2019 بواسطة جاسم
0 إجابة
138 مشاهدة
سُئل يناير 12، 2019 بواسطة مجهول
1 إجابة
2.4ألف مشاهدة
سُئل يوليو 9، 2016 بواسطة question ✦ متالق (102ألف نقاط)
0 إجابة
85 مشاهدة
0 إجابة
95 مشاهدة
سُئل نوفمبر 15، 2023 بواسطة مجهول
0 إجابة
328 مشاهدة
سُئل مارس 2، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
207 مشاهدة
0 إجابة
688 مشاهدة
1 إجابة
482 مشاهدة