434 مشاهدة
ان الاقتصاد الحر كفيل بتحقيق العدالة الاجتماعية اثبت بالبرهان صدق الا
بواسطة عُدل

1 إجابة واحدة

0 تصويت

إثبات صحة أطروحة إن الاقتصاد الحر كفيل بتحقيق العدالة الاجتماعية: 

طرح الإشكالية :لاشك أن هناك فروقا بين الناس في الطاقات و الإمكانيات الجسمية والذهنية والنفسية ، وأنه تختلف قدرة كل واحد منهم على الكسب والإنتاج ، الأمر يفترض فروقا مادية بين الأفراد ، وعلى هذا الأساس كانت العدالة الاجتماعية تكافل اجتماعي لا يعني التساوي المطلق و لا يتنافى مع هذا الواقع الانساني ، ولقد حاولت عدة فلسفات و تصورات اقتصادية أن تحقق العدالة بهذا المفهوم و على رأسها الاقتصاد الحر الذي يراعي مصلحة الفرد بالدرجة الاولى . فهل هذا يعني أن الاقتصاد الحر كفيل بتحقيق العدالة الاجتماعية؟

يذهب أصحاب الإقتصاد الرأسمالي وعلى رأسهم آدم سميث إلى ان هذا الإقتصاد الحر يحقق العدالة الإجتماعية ، لأنه يقوم على حرية التملك لوسائل الانتاج وايمانه بدور الفرد في المجتمع وعلى هذا جسدوا مقولتهم الشهيرة * دعه يعمل أتركه يمر * ويستدلون على ذلك بحجج منها :- أن الاقتصاد الليبرالي مؤسس على تصور روماني للحقوق يجعل من الملكية حقا مطلقا لا تحده حدود . فهو يقوم على الإيمان بالفرد إيمانا لا حد له و بأن مصالحه الخاصة بنفسها تكفل – بصورة طبيعية – مصلحة المجتمع في مختلف الميادين ، وان الدولة ترمي في وظيفتها إلى حماية الأشخاص والدفاع عن مصالحهم الخاصة ولا يحق لها أن تتعدى حدود هذه الغاية في نشاطها ، كما أنه لا بد أن تقر بالحرية الإقتصادية وما يتبعها من حريات سياسية وفكرية و شخصية ، فتفتح الأبواب وتهيأ الميادين بحيث يجوز للفرد التملك للإستهلاك وللإنتاج معا ويباح عن حرية ، انتهاج أي طريق لكسب المال و مضاعفته على ضوء مصالحه الشخصية .
- ولقد دافع عن هذه المبادئ العالم الإقتصادي آدم سميث في كتابه * بحوث في طبيعة وأسباب رفاهية الأمم * وبعده عدد من المفكرين الفرنسيين في القرن التاسع عشر أمثال ساي و دونوايي و باستيا ، وهم في الجملة يزعمون أن قوانين الإقتصاد السياسي التي تجري على أصول عامة بصورة طبيعية كفيلة بسعادة المجتمع و حفظ التوازن الاقتصادي فيه ، ومتى تدخلت الدولة في تحديد الاسعار مثلا والاجور والمعاملات التجارية خلقت معظم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ، فلا بد من أن تترك القوانين الاقتصادية تسير على مجراها الطبيعي و بذلك ينظم الاقتصاد نفسه ويهدف إلى خير المجتمع ،إن المصلحة الخاصة هي أحسن ضمان للمصلحة الاجتماعية العامة وأن التنافس يكفي وحده لتحقيق روح العدالة الاجتماعية ، فالقوانين الطبيعية للاقتصاد كفيلة بحفظ المستوى الطبيعي للثمن بصورة تكاد ميكانيكية من ذلك أن الثمن إذا تعدى حدوده الطبيعية العادلة إنخفض الطلب ، وانخفاض الطلب بدوره يقوم بتخفيض الثمن و لايتركه حتى ينخفض به إلى مستواه الطبيعي السابق ويرفع الشذوذ بذلك ، كذلك اجور العمال فإنها تخضع لنظام طبيعي مماثل ، لوكانت منخفضة في مهنة فإن الترشيح فيها ينقص وإذا هي إرتفعت إرتفع ، ولكنها إذا إرتفعت بصورة غير عادية قام تنافس بين عدد كبير من العمال طلبا للعمل ، وهذا التنافس يهبط الأجور ، إن القضاء على التنافس كما يقول باستيا معناه إلغاء العقل و الفكر والإنسان .
- ومن نتائج هذا النظام المصلحة الشخصية تفترض البحث عن كيفية تنمية الإنتاج و تحسينه مع التقليل من المصاريف والنفقات ، وهذا يحقق في رأيهم الخير العام ، ومن نتائجه أيضا تنافس طبقات ثلاث لا ظلم فيه ولا إجحاف : طبقة الرأسماليين وهم الذين يملكون وسائل الانتاج ويسخرونها للعمال الأجراء ، وطبقة الصناع وهم الذين يملكون وسائل الانتاج ولكنهم يستعملونها لأنفسهم ، وطبقة الأجراء وهم الذين لا يملكون سوى طاقة القدرة على العمل التي يستخدمها الرأسمالي في مقابل أجرة ، إن الفرد إذن هو المحور الذي يجب أن يدور عليه النظام الاجتماعي في رأي اللبراليين ،و الدولة المثلى هي الآلة التي تسخر لخدمة الفرد و الأداة التي تستهدف حمايتها . 

 النقد والمناقشة : إلا أن التاريخ يثبت بأن القوى التي تسير على مجراها الطبيعي بدلا من تعمل على تحقيق العدل أدت الى خلق ازمات و محن فلا يزال العالم متحفظ بأثار أزمتي 1920 و 1929 ، كما أن جعل مصلحة الفرد كهدف أعلى يحقق مصلحة الجماعة عن طريق المنافع الخاصة و تنميتها و ما ينجم عن ذلك من استغلال للوسائل الفاحشة بعيدا عن طريق الاخلاق أدى الى نفور هذه الاقلية من العطف و المساعدة للفقراء لأن المقياس الاخلاقي لا يتعدى المنفعة و الفائدة ،
يرى أصحاب النظام الإقتصادي الأشتراكي أنه هو النظام المحقق لروح العدالة الإجتماعية حيث جاء كرد على الإقتصاد الرأسمالي حيث يزعم مؤسس النظام الماركسي كارل ماركس في كتابه *رأس المال *أنه إكتشف تناقضات رأس المال أي كيف أن الرأسمالية تقضي على نفسها بنفسها لهذا يقول *إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها * ، إن صاحب رأس المال يعامل نشاط العمال معاملته لسلعة إذ يفرض عليهم العمل في مصانعه في مدة لا يمكن الزيادة عليها بأثمان لاتفي إلا بالحياة الضرورية لهم ،إن قيمة كل سلعة إنما هي قيمة العمل الإنساني فيها ، ولكن العامل لايأخد هذه القيمة كلها بل يأخذ منها مقدار ما يكفيه للمعيشة الضرورية ويذهب الباقي أي القيمة الفائضة على حد تعبير ماركس إلى صاحب رأس المال بغير عمل ، وهو يتغافل أن العمال يختلفون في بنياتهم البيولوجية وإنتاجهم ،فهذا تكفيه صفحة من الحمص لتوليد طاقة العمل وهذا لاتكفيه الصفحة أو لايستطيع هضمها ولاغنى له عن طعام غيرها في النوع والثمن ، ويستطيع شخص أن يباشر أعماله في الشتاء بلباس خفيف ولا يستطيع زميله ذلك إلا بلباس الصوف ومضاعفة الدّثار، ثم إن الإنتاج الواحد قد يصنعه عامل في ظرف عشر ساعات مثلا ويصنعه عامل آخر في مدة أكثر مع العلم بأن تكاليف الساعة الاجتماعية في جوار القطب غير تكاليفها في جوار خط الاستواء ، هذه كلها حقائق لم تدخل في حساب رأس المال ويرى ماركس بأن الرأسمالية تحمل في طياتها آيات بطلانها منها :
- إن ابرز فائدة لدى المنتج الرأسمالي هي أن يبيع إنتاجه بأعلى ثمن ممكن ويمنح أقل أجر ممكن حتى يرفع القيمة الفائضة ، ولكن العامل بأجره الزهيد لايستطيع شراء المنتجات ، ومع انعدام الشراء تتضخم السلع وتقل طلبات البائع لصاحب المعمل ، ويضطر المنتج إلى طرد قسم من العمال ، والطرد لايزيد الأزمة إلا حدة .
وبوحي من المصلحة الشخصية يبحث صاحب رأس المال عن بضاعة يكون حظها من الطلب كبيرا، وأول ما يفكر فيه وسائل الحرب حيث أن الدولة نكلف نفسها الشراء ولا تبيعها مرة أخرى وأنها توزعها دون أن تنافس أحدا ، الأمر الذي يحتم الحرب وما يتمخض عنها من تدمير و تخريب ، والحرب نافذة على أسواق جديدة ، وفي هذا الصدد يقول جوريس * إن الرأسمالية تحمل الحرب كما يحمل السحاب المطر* 
- إن رأس المال عند الماركسية نوعان : ثابث ومتغير ، الاول يمثل قيمة الآلات والمواد الاولية ، والثاني يتمثل في المال الذي ينتج المال ، فهو يصلح لأن تدفع منه الأجور مثلا، وينتج البضائع بواسطة تشغيل العمال ، كما أنه يصلح لشراء الآلات الحديثة ، إلا أن مقدار الربح ينتقص لأن القيمة الفائضة تبتلعها المصاريف ولا يستطيع أن يشتري الآلات الغالية سوى المتصنع الثري ، فيحصل على إنتاج أكبر في أقل وقت ، الامر الذي يسمح له بأن يبيع السلع بأقل ثمن بالقياس إلى منافسيه الذين هم أقل تجهيزا منه ، وهكذا فإن أرباب المصانع الصغار يخضعون للمنافسة و يصيرون بروليتارين لأن الرأسمالي القوي يبتلع شيئا فشيئا رأسماليين آخرين أقل منه ثروة ، وبهذا تتجمع الثروات في القلة القليلة التي تستغل كتلة العمال البروليتارين ،حينئذ تكون الرأسمالية و الحالة هذه قد أعلنت عن الثورة الإشتراكية وتكون بالتالي قد هيأت لنفسها وسائل إستأصالها لأنها رمت إلى البروليتاريا عددا هاما من الرأسماليين السابقين و لأنها نظمت الاحتكارات الواسعة التي يمكن أن تصير بيد إقتصاد جماعي بدون أدنى صعوبة ولافترة انتقالية وهكذا ، فمن النتائج المحتومة في تقرير ماركس أن الثروة تنحصر في أيدي فئة قليلة من أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب المصانع الكبرى وان طبقة الاجراء يتفاقم بؤسها مع تقدم الصناعة حتى يبلغ ذروته متى بلغت الصناعة الكبرى نهاية التقدم ، ويومئذ تثور هذه الطبقة لأنها لا تخسر بالثورة شيئا غير القيود و الأغلال فتستولى على الصناعة الكبرى وتديرها لمصلحتها ولاتستغل بإدارتها طبقة أخرى ، فيظل المجتمع أبدا بغير طبقات حيث ينتهي فيه طمع الطامع وحيلة المحتال وكسل الكسلان كما ينتهي فيه حب الرئاسة و الإستثمار ، وهذا هو حلم الماركسية ، فالعمل على تحقيق الشيوعية هو العمل على تحقيق العدالة الإجتماعية ، وإذا كان الإقتصاد الحر لم يفلح في إدراك هذه الغاية ، فما هي المبادئ الموصلة إليها في نظر الماركسيين ؟ 
- إن الحياة الإجتماعية عبارة عن صراع بين المتناقضات و أن كل وضع اجتماعي هو ظاهرة مادية خالصة ، غير أنه يحمل في نفس الوقت نقيضه في طيه وينشب حينئذ الصراع بين النقائض في محتواه حتى تتراكم المتناقضات وتحدث تبدلا في ذلك الوضع وإنشاء لوضع جديد وهكذا يبقى الصراع مستمرا حتى تصل الإنسانية إلى أن تحيا طبقة واحدة وتتمثل مصالح كل فرد في مصالح تلك الطبقة الموحدة ، في ذلك الوقت يسود السلام وتتحقق العدالة الإجتماعية ، والاقتصاد الشيوعي يرتكز على ثلاث نقاط أساسية : 1- إلغاء الملكية الخاصة وتسليم الثروة التي هي ملك للجميع إلى الدولة .
2- توزيع السلع على حسب الحاجة الاستهلاكية للأفراد ، ويتلخص في النص التالي : < من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته > ذلك لأن لكل فرد حاجات طبيعية لا غنى له عنها ، فهو يدفع للمحتمع كل طاقاته فيدفع له المجتمع متطلبات معيشته .
3- تخطيط إقتصادي ترسمه الدولة وتحاول التوفيق بين حاجة المجموع والإنتاج في كميته وتنويعه وتحديده لئلا يبتلي المجتمع بنفس الأمراض التي أصيب بها المجتمع الرأسمالي .
نقد ومناقشة : إلا أن العلاج الذي تتقدم به الماركسية ناقص لا يضمن القضاء على الفساد الاجتماعي كله ، لأنه لم يحالفه الصواب في تشخيص الداء وتعيين منطلق الشر ، بل بقي ذلك المنطلق على عكس من ذلك ، محافظا على موضعه من الحياة الاجتماعية في المذهب الشيوعي ،وبهذا لم تظفر الشعوب بالدواء الناجع لاجتثاث الفساد الذي تعانيه، ويمكن رد مساوئ هذا المذهب إلى أن الشيوعية أو الماركسية تصل في الواقع إلى استغلال آخر للعمال ، لأن العمال لا يعملون لأنفسهم وإنما لأجيال بعدهم ، تلك الأجيال التي تستفيد من الشكل الأخير من أشكال الدولة (أي الشيوعية ) حيث إن * لكل حسب حاجياته* ، وفي الإنتظار كل واحد له أن *يملك حسب عمله *وينتظر منه التضحية المطلقة للدولة بدون أي مقابل .
التركيب : إن العدالة الاجتماعية لم تجد غايتها لا في النظام الرأسمالي و لا النظام الاشتراكي ، لأن الفرد أو الصفوة لا ينبغي أن يستبدوا على حساب المجتمع ولا المجتمع ينبغي ان يستعبد الفرد بدعوى أنه اداة في خدمة الشعب . فالعدالة الاجتماعية هي ان لا يكون هناك طغيان لفئة على حساب فئة أخرى . و أن لا تكون هناك تفاوتات فاحشة بين افراد المجتمع بحيث يكون بعضهم في القمة و البعض الآخر في الهاوية ، إنها اقرار بالتساوي تمليه الاخلاق و عدم اهمال طرف لفائدة طرف آخر ، وهذا ما اكده الاسلام في ضبط معاملات الفرد الاقتصادية بأطر اخلاقية من أجل تضييق الهوة بين الطبقات ، حيث فرض الاسلام الزكاة و الصدقة و الميراث ، وحرم كل و سائل العمل الغير مشروعة كالربا ، السرقة و الغش ، وحارب الكنز و الشح و الكسب الغير مشروع ، كما أعلى من شأن العمل إى درجة العبادة . فالعدالة في نظر الاسلام تؤسس في أطر أخلاقية و اقتصادية تحتم احترام الفرد و الجماعة معا .

الاستنتاج : و عليه نستنتج أن الاقتصاد الحر لا يحقق العدالة الاجتماعية لأنه وسيلة استغلال بكل انواعه فهو يرتد إلى المنفعة و لايتماشى و الحياة الاخلاقية ، أما الاشتراكية رفم فضحها لعيوب الرأسمالية لم يتسنى لها تحقيق العدالة الاجتماعية لأنها تخفي ورائها استغلالا من نوع خاص للعمال و هو يتنافي مع الطبيعة البشرية . و عليه فالنظام الدي يحقق عن جدارة العدالة الاجتماعية الكاملة هو النظام الدي يجمع بين عنصري الاقتصاد و الاخلاق في آن واحد

بواسطة ✦ متالق (202ألف نقاط)

اسئلة مشابهه

0 إجابة
28 مشاهدة
سُئل يوليو 24، 2019 بواسطة مجهول
0 إجابة
111 مشاهدة
سُئل فبراير 27، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
74 مشاهدة
سُئل فبراير 10، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
90 مشاهدة
سُئل فبراير 8، 2020 بواسطة مجهول
1 إجابة
285 مشاهدة
سُئل ديسمبر 27، 2019 بواسطة مجهول
0 إجابة
54 مشاهدة
سُئل نوفمبر 3، 2019 بواسطة مجهول
0 إجابة
39 مشاهدة
سُئل يوليو 22، 2019 بواسطة مجهول
1 إجابة
259 مشاهدة