3.0ألف مشاهدة
شرح نص الفن ما هو 9 اساسي
بواسطة

3 إجابة

0 تصويت
الفن ماهو

الــنّــــصّ

أ فِي حَاجَةٍ إلى الفَنِّ نَحْنُ؟... أ عَامِلٌ أسَاسِيٌّ هُوَ فِي حَيَاتِنَا لاَ يُمْكِنُ الاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ أمْ أمْرٌ ثَانَوِيٌّ نَلْجَأُ إلَيْهِ للتّرْفِيهِ عَلَى النَّفْسِ؟

... لِكَيْ نَصِلَ إلَى الجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ يَجِبُ أنْ نَعْرِضَ أمَامَنَا عَمَلاً فَنِيًّا وَ نُحَلِّلَهُ، لِنَكْتَنِهَ حَقيقَتَهُ وَ نُدْرِكَ مَبْلَغَ نَفْعِهِ!...

فَهَذِهِ قَصِيدَةٌ لِشَاعِرٍ فَنَّانٍ يَصِفُ لَنَا فِيهَا حَدِيقَةً زَاهِيَةً بالوَرْدِ. يَسْتَطِيعُ أيُّ إنْسَانٍ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الفُنُونِ أنْ يَصِفَ لَنَا هَذِهِ الحَدِيقَةَ وَصْفًا لاَ يَتَعَدَّى مَا نَجِدُهُ فِي قَوَائِمِ البُيُوعِ، وَصْفًا لاَ يَتْرُكُ أيَّ أثَرٍ فِي نُفُوسِنَا... أمَّا الشَّاعِرُ الفَنَّانُ فَهْوَ يُقَدِّمُ لَنَا صُورَةً طَرِيفَةً لِهَذِهِ الحَدِيقَةِ. يَصِفُهَا لَنَا فِي مُوسِيقِيَّةٍ أخَّاذَةٍ مُعَدِّدًا لَنَا مَحَاسِنَهَا، كَاشِفًا لَنَا عَنْ جَمَالِهَا الحَقّ ثُمَّ يَأخُذُ بِيَدِنَا وَ يَدْخُلُ مَعَنَا فِي عَالَمِ الوُرُودِ السِّحْرِيِّ وَ يَدَعُنَا نَعِيشُ فِيهِ بُرْهَةً... فَهَذِهِ زَهْرَةٌ طِفْلَةٌ تَبْدَأُ حَيَاتَهَا فِي طُمَأْنِينَةٍ وَ هُدُوءٍ... وَ تِلْكَ زَهْرَةٌ شَابَّةٌ قَدْ اُنْتَزَعَتْهَا يَدٌ عَاتِيَةٌ وَ ألْقَتْهَا فِي مَوَاطِئِ الأقْدَامِ... هَذِهِ تَبْتَسِمُ فَرِحَةُ تَنْشُرُ حَوْلَهَا عَبِيرَهَا الجَمِيلَ وَ تِلْكَ تَجْمَعُ أوْرَاقَهَا الذّاوِيَةَ حَوْلَ نَفْسِهَا، تُحَاوِلُ الاحْتِفَاظَ بِمَا بَقِيَ لَهَا مِنْ شَبَابٍ ذَابِلٍ فَانٍ... نَسِيرُ بَيْنَ هَذِهِ الكَائِنَاتِ اللَّطِيفَةِ، نُصْغِي إلَى هَمَسَاتِهَا المُطْرِبَةِ و إلَى نُوَاحِهَا المُحْزِنِ، نُشَارِكُهَا سُرُورَهَا وَ أحْزَانَهَا مُتَمَتِّعِينَ دَائِمًا بِجَمَالِهَا الفَتّانِ!...

لَقَدْ شَعُرْنَا وَ نَحْنُ نَقْرَأُ هَذِهِ القَصِيدَةَ بِشَيْءٍ يَتَحَرَّكُ فِي قَرَارَةِ نُفُوسِنَا، بِشَيْءٍ كَانَ نَائِمًا فَلَمَسَهُ هَذَا الشّاعِرُ و أيْقَظَهُ. هَذا الشّيْءُ هُوَ الشُّعُورُ بِجَمَالِ هَذِهِ الوُرُودِ و الإحسَاسُ نَحْوَهُ بألْفَةٍ عَجِيبَةٍ... بِرِبَاطٍ رُوحِيٍّ سَامٍ!...

لَقَدْ كَشَفَ لَنَا الشَّاعِرُ الفَنّانُ عَنِ الجَمَالِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي هَذَا الوُجُودِ وَ جَعَلَنَا نَتَذَوّقُ هَذَا الجَمَالَ فِي سُرُورٍ وَ أيْقَظَ فِي قُلُوبِنَا عَاطِفَةَ الحُبِّ السَّامِيَةِ نَحْوَ مَظْهَرٍ مِنْ مَظَاهِرِ الطَّبِيعَةِ!...
بواسطة ✬✬ (27.4ألف نقاط)

ساعد الاخرين بالاجابة على اسئلتهم قائمة الاسئلة غير المجابة

0 تصويت

شرح نص :الفن ماهو 9 اساسى .

الــنّــــصّ

أ فِي حَاجَةٍ إلى الفَنِّ نَحْنُ؟... أ عَامِلٌ أسَاسِيٌّ هُوَ فِي حَيَاتِنَا لاَ يُمْكِنُ الاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ أمْ أمْرٌ ثَانَوِيٌّ نَلْجَأُ إلَيْهِ للتّرْفِيهِ عَلَى النَّفْسِ؟

... لِكَيْ نَصِلَ إلَى الجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ يَجِبُ أنْ نَعْرِضَ أمَامَنَا عَمَلاً فَنِيًّا وَ نُحَلِّلَهُ، لِنَكْتَنِهَ حَقيقَتَهُ وَ نُدْرِكَ مَبْلَغَ نَفْعِهِ!...

فَهَذِهِ قَصِيدَةٌ لِشَاعِرٍ فَنَّانٍ يَصِفُ لَنَا فِيهَا حَدِيقَةً زَاهِيَةً بالوَرْدِ. يَسْتَطِيعُ أيُّ إنْسَانٍ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الفُنُونِ أنْ يَصِفَ لَنَا هَذِهِ الحَدِيقَةَ وَصْفًا لاَ يَتَعَدَّى مَا نَجِدُهُ فِي قَوَائِمِ البُيُوعِ، وَصْفًا لاَ يَتْرُكُ أيَّ أثَرٍ فِي نُفُوسِنَا... أمَّا الشَّاعِرُ الفَنَّانُ فَهْوَ يُقَدِّمُ لَنَا صُورَةً طَرِيفَةً لِهَذِهِ الحَدِيقَةِ. يَصِفُهَا لَنَا فِي مُوسِيقِيَّةٍ أخَّاذَةٍ مُعَدِّدًا لَنَا مَحَاسِنَهَا، كَاشِفًا لَنَا عَنْ جَمَالِهَا الحَقّ ثُمَّ يَأخُذُ بِيَدِنَا وَ يَدْخُلُ مَعَنَا فِي عَالَمِ الوُرُودِ السِّحْرِيِّ وَ يَدَعُنَا نَعِيشُ فِيهِ بُرْهَةً... فَهَذِهِ زَهْرَةٌ طِفْلَةٌ تَبْدَأُ حَيَاتَهَا فِي طُمَأْنِينَةٍ وَ هُدُوءٍ... وَ تِلْكَ زَهْرَةٌ شَابَّةٌ قَدْ اُنْتَزَعَتْهَا يَدٌ عَاتِيَةٌ وَ ألْقَتْهَا فِي مَوَاطِئِ الأقْدَامِ... هَذِهِ تَبْتَسِمُ فَرِحَةُ تَنْشُرُ حَوْلَهَا عَبِيرَهَا الجَمِيلَ وَ تِلْكَ تَجْمَعُ أوْرَاقَهَا الذّاوِيَةَ حَوْلَ نَفْسِهَا، تُحَاوِلُ الاحْتِفَاظَ بِمَا بَقِيَ لَهَا مِنْ شَبَابٍ ذَابِلٍ فَانٍ... نَسِيرُ بَيْنَ هَذِهِ الكَائِنَاتِ اللَّطِيفَةِ، نُصْغِي إلَى هَمَسَاتِهَا المُطْرِبَةِ و إلَى نُوَاحِهَا المُحْزِنِ، نُشَارِكُهَا سُرُورَهَا وَ أحْزَانَهَا مُتَمَتِّعِينَ دَائِمًا بِجَمَالِهَا الفَتّانِ!...

لَقَدْ شَعُرْنَا وَ نَحْنُ نَقْرَأُ هَذِهِ القَصِيدَةَ بِشَيْءٍ يَتَحَرَّكُ فِي قَرَارَةِ نُفُوسِنَا، بِشَيْءٍ كَانَ نَائِمًا فَلَمَسَهُ هَذَا الشّاعِرُ و أيْقَظَهُ. هَذا الشّيْءُ هُوَ الشُّعُورُ بِجَمَالِ هَذِهِ الوُرُودِ و الإحسَاسُ نَحْوَهُ بألْفَةٍ عَجِيبَةٍ... بِرِبَاطٍ رُوحِيٍّ سَامٍ!...

لَقَدْ كَشَفَ لَنَا الشَّاعِرُ الفَنّانُ عَنِ الجَمَالِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي هَذَا الوُجُودِ وَ جَعَلَنَا نَتَذَوّقُ هَذَا الجَمَالَ فِي سُرُورٍ وَ أيْقَظَ فِي قُلُوبِنَا عَاطِفَةَ الحُبِّ السَّامِيَةِ نَحْوَ مَظْهَرٍ مِنْ مَظَاهِرِ الطَّبِيعَةِ!.

الــشّـــرح

يُبيّنُ المُحاجّ حاجة الإنسان إلى الفنّ من خلال عرض وصف الشّاعر لحديقة

المقاطع

يُمكن تقسيم النّصّ إلى ثلاثة مقاطع حسب معيار المضمون

- من البداية --- نفعه: التّساؤل عن حاجة الإنسان إلى الفنّ

- من فهذه --- الفتّان: المقارنة بين وصف الفنّان للحديقة و وصف الإنسان العادي لها

- البقيّة: أثر الفنّ في النّفس

---------------

المقطع الأوّل: التّساؤل عن حاجة الإنسان إلى الفنّ

أ : استفهام

أ: حرف استفهام ← استفهام عن مضمون الجملة

للتّرفيه عن النّفس: مركّب بالجرّ: مفعول لأجله

لكي: الأجليّة

الجواب - نعرض - نُحلّل - نكتنه - حقيقة - نُدرك: معجم المعرفة

يبدأ المُحاجّ نصّه بتوسّل الاستفهام، و الغاية من ذلك طرح مسألة خلافيّة هي محلّ جدل و نقاش

← التّساؤل عن حاجة الإنسان إلى الفنّ

 الوضعيّة الحجاجيّة:

- موضوع الحجاج: هل أنّ الفنّ عامل أساسيّ في حياتنا أم هو أمر ثانويّ نلجأ إليه للتّرفيه عن النّفس؟

- طرفا الحجاج:

المُحاجّ: الكاتب

المحجوج: العرب / الإنسان بصفة عامّةا

الأطروحةالأولى: الفنّ عامل أساسيّ في حياتنا

 الأطروحة الثّانية: الفنّ أمر ثانويّ نلجأ إليه للتّرفيه عن النّفس

⇐ الأطروحتان تدُوران حول حدّ الفنّ و بيان وظيفته

⇐ النّظرة إلى الفنّ خلافيّة و محلّ أخذ و ردّ

 يبدُو المُحاجّ في بداية نصّه:

- مُحايدا و موضوعيّا: قدّم لنا تلك النّظرة الخلافيّة للفنّ بكلّ موضوعيّة، فهو في الظّاهر لم يتبنّى هذه النّظرة أو تلك

- ذا تفكير منهجيّ: الاعتماد على منهج مضبوط يبدأ بالعرض مرورا بالتّحليل انتهاء بالاستنتاج

- ينشد الحقيقة: محاولة كشف حقيقة الفنّ

- ينشد المنفعة: منفعة الفنّ

⇐ هناك بُعدان يُسيّجان عمل المُحاجّ:

- بُعد معرفيّ

- بُعد غائيّ منفعيّ

هذان البُعدان يستهدفان في النّهاية إقناع المحجوج بوجهة نظر يستبطنها المُحاجّ ( لم يُصرّح بها في البداية، و لكنّه تظاهر بالموضوعيّة و الحياد من أجل إشراك المحجوج في عمليّة التمييز بين الأطروحة القويّة و الأطروحة الضّعيفة )

استراتيجيّة المُحاجّ ترتكز على إشراك المحجوج في عمليّة بناء المعرفة، من أجل تثبيت الأطروحة المدعومة و هدم الأطروحة المدحوضة

المقطع الثّاني: المقارنة بين وصف الفنّان للحديقة و وصف الإنسان العادي لها

هذه

يقُوم هذا المقطع على المقارنة بين:

- وصف الإنسان العادّي للحديقة

- وصف الشّاعر الفنّان للحديقة

← المقارنة تستهدف المفاضلة هنا

نمط الكتابة الغالب على هذا المقطع هو الوصف ( يظهر هذا في تواتر النّعوت و الأحوال و الاستعارة... )

← الوصف خادم للحجاج في هذا المقطع

 وصف الإنسان العادي للحديقة:

يكتفي بظاهر الأشياء / الموجودات

← وصف خارجيّ / حسيّ لا يستطيعُ النّفاذ إلى بواطن الأشياء

وصف يقتربُ من حُدود النّسخ و المُحاكاة

وصف يُكرّس مبدأ النّقل و المفعوليّة

وصف لا إبداع فيه: لا تظهرُ فيه بصمات الإنسان

← وصف يكتفي بالحواس 5 المعروفة

← نتحدّث هنا عن الرّؤية

يقول غالي شكري: " الرّؤية تعني فعلا جسديّا محضا لا يُلامِسُ غير السّطح من المرئيّات و لا يصلُ إلى مكنونها الدّاخلي و ما في صمتها البارد من توحّش "

⇐ النّتيجة: هذا الوصفُ لا يترُكُ أثرا في نفس المُتلقّي

 وصف الشّاعر الفنّان للحديقة:

← " وصف طريفٌ جديد مُبتكر "

وصف لا يكتفي بظاهر الأشياء / الموجودات

تجاوز الحسّ إلى الباطن

تجاوز البصر إلى البصيرة

تجاوز الرّؤية إلى الرّؤيا

الرّؤيا = النّفاذ إلى ما تحجّب ( خفي ) من أسرار الوجود ( ≠ الاكتفاء بظاهر الموجودات )

يقولُ ماجد فخري: " إنّ الرّؤيا في الشّعر هي نفاذُ الشّاعر ببصيرة ثاقبة إلى ما تُخبّئه المرئيّات وراءها من معان و أشكال، فيقتنصها و يكشفُ نقاب الحسّ عنها. و بذلك يفتحُ عُيُوننا على ما في الأشياء المرئيّة من روعة و فتنة "

هذا الوصف يتجاوز الحواس 5 المعروفة إلى حاسّة سادسة: الوحي و الإلهام و الرّؤيا

← وصف تظهرُ فيه فاعليّة الفنّان، فهو يرفض النّسخ و التّقليد و يُعلي من شأن الإبداع و الابتكار

← الشّاعرُ يمتلكُ طاقة إيحائيّة و كشفيّة يستطيع من خلالها النّفاذ إلى ما وراء الوجود أين يكتشف جمال الخلق الإلهي.

الشّاعرُ يخلقُ رُؤيا جديدة للموجودات: فهو يُعيدُ إنتاج الموجودات جماليّا

الشّاعرُ يُنتجُ عالما بديلا، هو عالم الجمال و الحياة و النّشوة

الشّاعرُ يُحوّلُ القبيح إلى جميل ( مثال: إن كانت صورة الزّهرة الشابّة التّي اُنْتَزَعَتْهَا اليَدٌ العَاتِيَةٌ وَ ألْقَتْهَا فِي مَوَاطِئِ الأقْدَامِ محمّلة بمعاني الموت و الفناء و القبح، فإنّ طريقة التّصوير ( عن طريق الاستعارة = التّشخيص ) سترتقي بالصّورة إلى مصاف الإبداع الفنيّ الذّي سيحوّل قبح الواقع إلى جماليّة خاصّة يُؤسّسها النصّ الشّعريّ + استحداث تلك الصّورة المقابلة ( الزّهرة الطّفلة التّي تَبْدَأُ حَيَاتَهَا فِي طُمَأْنِينَةٍ وَ هُدُوءٍ ) المُحمّلة بمعاني الحياة و الانشراح و الجمال سيؤسّس لرؤية فكريّة جديدة، تخرج عن تلك المواضعات الاجتماعيّة التّي حدّت الجمال و كبحت إطلاقيّته. فما يبدو قبيحا للعامّة ( الموت هنا ) يتحوّل إلى عنصر ضروريّ به تتحقّق مشروعيّة الجمال المطلق ( الحياة ) )

← الشّاعرُ يُوحّد بين المُتناقضات، و يتمّ هذا التّوحيدُ في قلبه ( موطن الأحاسيس و المشاعر ) و يتجسّد هذا التوحّد في فضاء النّصّ الشّعريّ ( الكون الشّعري ) عن طريق الاستعارة و المجاز و التّشبيه...

⇐ النّتيجة: هذا الوصف جعل المتلقّي يُشاركُ الشّاعرَ هذه التّجربة الجماليّة، فينفعل بها و يندمج في عالمها بعد أن استطاع تجاوز الظّاهر إلى الباطن و الرّؤية إلى الرّؤيا

أحدثت هذه التّجربة الفنيّة ( قراءة القصيدة ) أثرا في نفس المتلقّي

هو أثر نفسيّ حرّك تلك المياه الرّاكدة في النّفس

أثرٌ بعث الحياة في تلك النّفوس المتحجّرة

الفنّ يُؤثّر في الإنسان ← يُوقظ الإحساس بالجمال و يجعلنا نتلذّذه و نتذوّقه

الفنّ: يجعل لحياة الإنسان معنى

بواسطة ✦ متالق (624ألف نقاط)
0 تصويت

شرح نص :الفن ماهو 9 اساسى .

الــنّــــصّ

أ فِي حَاجَةٍ إلى الفَنِّ نَحْنُ؟... أ عَامِلٌ أسَاسِيٌّ هُوَ فِي حَيَاتِنَا لاَ يُمْكِنُ الاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ أمْ أمْرٌ ثَانَوِيٌّ نَلْجَأُ إلَيْهِ للتّرْفِيهِ عَلَى النَّفْسِ؟

... لِكَيْ نَصِلَ إلَى الجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ يَجِبُ أنْ نَعْرِضَ أمَامَنَا عَمَلاً فَنِيًّا وَ نُحَلِّلَهُ، لِنَكْتَنِهَ حَقيقَتَهُ وَ نُدْرِكَ مَبْلَغَ نَفْعِهِ!...

فَهَذِهِ قَصِيدَةٌ لِشَاعِرٍ فَنَّانٍ يَصِفُ لَنَا فِيهَا حَدِيقَةً زَاهِيَةً بالوَرْدِ. يَسْتَطِيعُ أيُّ إنْسَانٍ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الفُنُونِ أنْ يَصِفَ لَنَا هَذِهِ الحَدِيقَةَ وَصْفًا لاَ يَتَعَدَّى مَا نَجِدُهُ فِي قَوَائِمِ البُيُوعِ، وَصْفًا لاَ يَتْرُكُ أيَّ أثَرٍ فِي نُفُوسِنَا... أمَّا الشَّاعِرُ الفَنَّانُ فَهْوَ يُقَدِّمُ لَنَا صُورَةً طَرِيفَةً لِهَذِهِ الحَدِيقَةِ. يَصِفُهَا لَنَا فِي مُوسِيقِيَّةٍ أخَّاذَةٍ مُعَدِّدًا لَنَا مَحَاسِنَهَا، كَاشِفًا لَنَا عَنْ جَمَالِهَا الحَقّ ثُمَّ يَأخُذُ بِيَدِنَا وَ يَدْخُلُ مَعَنَا فِي عَالَمِ الوُرُودِ السِّحْرِيِّ وَ يَدَعُنَا نَعِيشُ فِيهِ بُرْهَةً... فَهَذِهِ زَهْرَةٌ طِفْلَةٌ تَبْدَأُ حَيَاتَهَا فِي طُمَأْنِينَةٍ وَ هُدُوءٍ... وَ تِلْكَ زَهْرَةٌ شَابَّةٌ قَدْ اُنْتَزَعَتْهَا يَدٌ عَاتِيَةٌ وَ ألْقَتْهَا فِي مَوَاطِئِ الأقْدَامِ... هَذِهِ تَبْتَسِمُ فَرِحَةُ تَنْشُرُ حَوْلَهَا عَبِيرَهَا الجَمِيلَ وَ تِلْكَ تَجْمَعُ أوْرَاقَهَا الذّاوِيَةَ حَوْلَ نَفْسِهَا، تُحَاوِلُ الاحْتِفَاظَ بِمَا بَقِيَ لَهَا مِنْ شَبَابٍ ذَابِلٍ فَانٍ... نَسِيرُ بَيْنَ هَذِهِ الكَائِنَاتِ اللَّطِيفَةِ، نُصْغِي إلَى هَمَسَاتِهَا المُطْرِبَةِ و إلَى نُوَاحِهَا المُحْزِنِ، نُشَارِكُهَا سُرُورَهَا وَ أحْزَانَهَا مُتَمَتِّعِينَ دَائِمًا بِجَمَالِهَا الفَتّانِ!...

لَقَدْ شَعُرْنَا وَ نَحْنُ نَقْرَأُ هَذِهِ القَصِيدَةَ بِشَيْءٍ يَتَحَرَّكُ فِي قَرَارَةِ نُفُوسِنَا، بِشَيْءٍ كَانَ نَائِمًا فَلَمَسَهُ هَذَا الشّاعِرُ و أيْقَظَهُ. هَذا الشّيْءُ هُوَ الشُّعُورُ بِجَمَالِ هَذِهِ الوُرُودِ و الإحسَاسُ نَحْوَهُ بألْفَةٍ عَجِيبَةٍ... بِرِبَاطٍ رُوحِيٍّ سَامٍ!...

لَقَدْ كَشَفَ لَنَا الشَّاعِرُ الفَنّانُ عَنِ الجَمَالِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي هَذَا الوُجُودِ وَ جَعَلَنَا نَتَذَوّقُ هَذَا الجَمَالَ فِي سُرُورٍ وَ أيْقَظَ فِي قُلُوبِنَا عَاطِفَةَ الحُبِّ السَّامِيَةِ نَحْوَ مَظْهَرٍ مِنْ مَظَاهِرِ الطَّبِيعَةِ!.

الــشّـــرح

يُبيّنُ المُحاجّ حاجة الإنسان إلى الفنّ من خلال عرض وصف الشّاعر لحديقة

المقاطع

يُمكن تقسيم النّصّ إلى ثلاثة مقاطع حسب معيار المضمون

- من البداية --- نفعه: التّساؤل عن حاجة الإنسان إلى الفنّ

- من فهذه --- الفتّان: المقارنة بين وصف الفنّان للحديقة و وصف الإنسان العادي لها

- البقيّة: أثر الفنّ في النّفس

---------------

المقطع الأوّل: التّساؤل عن حاجة الإنسان إلى الفنّ

أ : استفهام

أ: حرف استفهام ← استفهام عن مضمون الجملة

للتّرفيه عن النّفس: مركّب بالجرّ: مفعول لأجله

لكي: الأجليّة

الجواب - نعرض - نُحلّل - نكتنه - حقيقة - نُدرك: معجم المعرفة

يبدأ المُحاجّ نصّه بتوسّل الاستفهام، و الغاية من ذلك طرح مسألة خلافيّة هي محلّ جدل و نقاش

← التّساؤل عن حاجة الإنسان إلى الفنّ

 الوضعيّة الحجاجيّة:

- موضوع الحجاج: هل أنّ الفنّ عامل أساسيّ في حياتنا أم هو أمر ثانويّ نلجأ إليه للتّرفيه عن النّفس؟

- طرفا الحجاج:

المُحاجّ: الكاتب

المحجوج: العرب / الإنسان بصفة عامّةا

الأطروحةالأولى: الفنّ عامل أساسيّ في حياتنا

 الأطروحة الثّانية: الفنّ أمر ثانويّ نلجأ إليه للتّرفيه عن النّفس

⇐ الأطروحتان تدُوران حول حدّ الفنّ و بيان وظيفته

⇐ النّظرة إلى الفنّ خلافيّة و محلّ أخذ و ردّ

 يبدُو المُحاجّ في بداية نصّه:

- مُحايدا و موضوعيّا: قدّم لنا تلك النّظرة الخلافيّة للفنّ بكلّ موضوعيّة، فهو في الظّاهر لم يتبنّى هذه النّظرة أو تلك

- ذا تفكير منهجيّ: الاعتماد على منهج مضبوط يبدأ بالعرض مرورا بالتّحليل انتهاء بالاستنتاج

- ينشد الحقيقة: محاولة كشف حقيقة الفنّ

- ينشد المنفعة: منفعة الفنّ

⇐ هناك بُعدان يُسيّجان عمل المُحاجّ:

- بُعد معرفيّ

- بُعد غائيّ منفعيّ

هذان البُعدان يستهدفان في النّهاية إقناع المحجوج بوجهة نظر يستبطنها المُحاجّ ( لم يُصرّح بها في البداية، و لكنّه تظاهر بالموضوعيّة و الحياد من أجل إشراك المحجوج في عمليّة التمييز بين الأطروحة القويّة و الأطروحة الضّعيفة )

استراتيجيّة المُحاجّ ترتكز على إشراك المحجوج في عمليّة بناء المعرفة، من أجل تثبيت الأطروحة المدعومة و هدم الأطروحة المدحوضة

المقطع الثّاني: المقارنة بين وصف الفنّان للحديقة و وصف الإنسان العادي لها

هذه

يقُوم هذا المقطع على المقارنة بين:

- وصف الإنسان العادّي للحديقة

- وصف الشّاعر الفنّان للحديقة

← المقارنة تستهدف المفاضلة هنا

نمط الكتابة الغالب على هذا المقطع هو الوصف ( يظهر هذا في تواتر النّعوت و الأحوال و الاستعارة... )

← الوصف خادم للحجاج في هذا المقطع

 وصف الإنسان العادي للحديقة:

يكتفي بظاهر الأشياء / الموجودات

← وصف خارجيّ / حسيّ لا يستطيعُ النّفاذ إلى بواطن الأشياء

وصف يقتربُ من حُدود النّسخ و المُحاكاة

وصف يُكرّس مبدأ النّقل و المفعوليّة

وصف لا إبداع فيه: لا تظهرُ فيه بصمات الإنسان

← وصف يكتفي بالحواس 5 المعروفة

← نتحدّث هنا عن الرّؤية

يقول غالي شكري: " الرّؤية تعني فعلا جسديّا محضا لا يُلامِسُ غير السّطح من المرئيّات و لا يصلُ إلى مكنونها الدّاخلي و ما في صمتها البارد من توحّش "

⇐ النّتيجة: هذا الوصفُ لا يترُكُ أثرا في نفس المُتلقّي

 وصف الشّاعر الفنّان للحديقة:

← " وصف طريفٌ جديد مُبتكر "

وصف لا يكتفي بظاهر الأشياء / الموجودات

تجاوز الحسّ إلى الباطن

تجاوز البصر إلى البصيرة

تجاوز الرّؤية إلى الرّؤيا

الرّؤيا = النّفاذ إلى ما تحجّب ( خفي ) من أسرار الوجود ( ≠ الاكتفاء بظاهر الموجودات )

يقولُ ماجد فخري: " إنّ الرّؤيا في الشّعر هي نفاذُ الشّاعر ببصيرة ثاقبة إلى ما تُخبّئه المرئيّات وراءها من معان و أشكال، فيقتنصها و يكشفُ نقاب الحسّ عنها. و بذلك يفتحُ عُيُوننا على ما في الأشياء المرئيّة من روعة و فتنة "

هذا الوصف يتجاوز الحواس 5 المعروفة إلى حاسّة سادسة: الوحي و الإلهام و الرّؤيا

← وصف تظهرُ فيه فاعليّة الفنّان، فهو يرفض النّسخ و التّقليد و يُعلي من شأن الإبداع و الابتكار

← الشّاعرُ يمتلكُ طاقة إيحائيّة و كشفيّة يستطيع من خلالها النّفاذ إلى ما وراء الوجود أين يكتشف جمال الخلق الإلهي.

الشّاعرُ يخلقُ رُؤيا جديدة للموجودات: فهو يُعيدُ إنتاج الموجودات جماليّا

الشّاعرُ يُنتجُ عالما بديلا، هو عالم الجمال و الحياة و النّشوة

الشّاعرُ يُحوّلُ القبيح إلى جميل ( مثال: إن كانت صورة الزّهرة الشابّة التّي اُنْتَزَعَتْهَا اليَدٌ العَاتِيَةٌ وَ ألْقَتْهَا فِي مَوَاطِئِ الأقْدَامِ محمّلة بمعاني الموت و الفناء و القبح، فإنّ طريقة التّصوير ( عن طريق الاستعارة = التّشخيص ) سترتقي بالصّورة إلى مصاف الإبداع الفنيّ الذّي سيحوّل قبح الواقع إلى جماليّة خاصّة يُؤسّسها النصّ الشّعريّ + استحداث تلك الصّورة المقابلة ( الزّهرة الطّفلة التّي تَبْدَأُ حَيَاتَهَا فِي طُمَأْنِينَةٍ وَ هُدُوءٍ ) المُحمّلة بمعاني الحياة و الانشراح و الجمال سيؤسّس لرؤية فكريّة جديدة، تخرج عن تلك المواضعات الاجتماعيّة التّي حدّت الجمال و كبحت إطلاقيّته. فما يبدو قبيحا للعامّة ( الموت هنا ) يتحوّل إلى عنصر ضروريّ به تتحقّق مشروعيّة الجمال المطلق ( الحياة ) )

← الشّاعرُ يُوحّد بين المُتناقضات، و يتمّ هذا التّوحيدُ في قلبه ( موطن الأحاسيس و المشاعر ) و يتجسّد هذا التوحّد في فضاء النّصّ الشّعريّ ( الكون الشّعري ) عن طريق الاستعارة و المجاز و التّشبيه...

⇐ النّتيجة: هذا الوصف جعل المتلقّي يُشاركُ الشّاعرَ هذه التّجربة الجماليّة، فينفعل بها و يندمج في عالمها بعد أن استطاع تجاوز الظّاهر إلى الباطن و الرّؤية إلى الرّؤيا

أحدثت هذه التّجربة الفنيّة ( قراءة القصيدة ) أثرا في نفس المتلقّي

هو أثر نفسيّ حرّك تلك المياه الرّاكدة في النّفس

أثرٌ بعث الحياة في تلك النّفوس المتحجّرة

الفنّ يُؤثّر في الإنسان ← يُوقظ الإحساس بالجمال و يجعلنا نتلذّذه و نتذوّقه

الفنّ: يجعل لحياة الإنسان معنى

بواسطة ✦ متالق (624ألف نقاط)

اسئلة مشابهه

1 إجابة
1.7ألف مشاهدة
سُئل أبريل 28، 2016 بواسطة مجهول
1 إجابة
898 مشاهدة
0 إجابة
116 مشاهدة
سُئل مارس 2، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
178 مشاهدة
سُئل يناير 12، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
67 مشاهدة
2 إجابة
569 مشاهدة
سُئل سبتمبر 7، 2019 بواسطة مجهول
0 إجابة
162 مشاهدة
سُئل أغسطس 5، 2019 بواسطة مجهول
0 إجابة
130 مشاهدة
سُئل يونيو 16، 2019 بواسطة مجهول
2 إجابة
222 مشاهدة
1 إجابة
1.2ألف مشاهدة
سُئل أبريل 12، 2019 بواسطة مجهول