نعم، ذمت أم مدحت أحمد عندما قالت أريد زوجاً لا يكذب كأحمد، والمعنى في الجملة يتغير بحسب التقديم والتأخير، فقولها لا يكذب كأحمد معنى ذلك أن أحمد كاذب، وهى لا تريد زوجاً كاذباً مثله، أما إذا قالت في الجملة أريد زوجاً كأحمد لا يكذب، وقامت بهذا التقديم في الجملة فينقلب معنى الجملة إلى مدح، أى أنها تريد زوجاً صادقاً مثل أحمد لا يكذب، فالأمر كله يعتمد على التلاعب بالألفاظ في الجملة.
ويعتبر التلاعب بالألفاظ أحد أهم جماليات اللغة العربية، حيث تحتوى اللغة العربية على ألفاظ لا حصر لها، وقواعد نحوية تحكم تلك الألفاظ، ولكنها أيضاً يمكن أن تغير المعنى، من النقيض إلى النقيض، لذا يتطلب ذلك الإلمام بألفاظ اللغة العربية، وكذلك قواعدها حتى يتمكن الشخص من حل ألغازها، وفهم طريقة التلاعب بالألفاظ، والتي عادة ما تضفي على اللغة جمالاً من نوع خاص، وتستخدم طريقة التلاعب بالألفاظ عادة في الشعر، وفي النثر أيضاً، فيقال كلاماً يحمل في باطنه معنى أخر غير المعنى الظاهر، ومن أشهر أمثلة التلاعب بالألفاظ: ذات يوم دخل حذيفة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فسأله أمير المؤمنين: كيف أصبحت، فرد عليه حذيفة قائلاً: أصبحت أحب الفتنة، وأكره الحق، وأصلي بغير وضوء، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء، فغضب أمير المؤمنين عمر عندما سمع ذلك الرد، فدخل عليه علي بن أبى طالب رضي الله عنه، وقال له: والله لقد صدق يا أمير المؤمنين، فقد أصبح يحب الفتنة، أي يحب ماله وولده "إنما أموالكم وأولادكم فتنه"، وأصبح يكره الحق: أي يكره الموت، وأصبح يصلى بغير وضوء، أي يقول: اللهم صل على سيدنا محمد، وله فى الارض ما ليس لله فى السماء، أى له زوجة وولد.
وفي المثال السابق يظهر التلاعب بالألفاظ جلياً، وكيف أن المعنى الظاهر يخالف كلياً المعنى الأصلى المقصود به الكلام، حتى أنه من الممكن أن يفهم على أنه مخالفة لأوامر الله تعالى، ولكن بعد شرح المعنى الأساسى يتضح أن معنى الكلام يحمل قمة الإيمان، وفهم آيات الله تعالى، وحب رسوله، وطاعة أوامره.