246 مشاهدة
حل تفسير 1 سورة الاعراف
بواسطة عُدل

1 إجابة واحدة

0 تصويت
{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ(46)}
الحجاب موجود بين أصحاب الجنة وأصحاب النار، وهم يتراءون من خلاله، وبيّنه الحق سبحانه فقال: {يَوْمَ يَقُولُ المنافقون والمنافقات لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارجعوا وَرَآءَكُمْ فالتمسوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العذاب} [الحديد: 13].
باطن هذا الحجاب الرحمة من ناحية أهل الجنة، وظاهره المواجه لأهل النار فيه العذاب، والحق هو القادر على كل شيء؛ لذلك لا ينال أهل الجنة شيء من شقاء أهل النار، ولا ينال أهل النار شيء من نعيم أهل الجنة، ويسمع أهل النار رداً على طمعهم في أن ينالهم بعض من نور أهل الجنة، إنكم تلتمسون الهدى في غير موطن الهدى؛ فزمن التكليف قد انتهى، ومن كان يرغب في نور الآخرة كان عليه أن يعمل من أجله في الدنيا، فهذا النور ليس هبة من خلق لخلق، وإنما هو هبة من خالق لمخلوق آمن به. وأنتم تقولون: انظرونا نقتبس من نوركم، وليس في مقدور أهل الجنة أن يعطوا شيئاً من نور أهل الجنة فالعطاء حينئذ لله. {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأعراف رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ...} [الأعراف: 46].
و{كُلاًّ} المعنيّ بها أصحاب الجنة وأصحاب النار، فقد تقدم عندنا فريقان؛ أصحاب الجنة، وأصحاب النار وهناك فريق ثالث هم الذين على الأعراف، و(الأعراف) جمع (عُرف) مأخوذ من عرف الديك وهو أعلى شيء فيه، وكذلك عرف الفرس. كأن بين الجنة مكانا مرتفعاً كالعرف يقف عليه أناس يعرفون أصحاب النار بسيماهم فكأن من ضمن السمات والعلامات ما يميز أهل النار عن أهل الجنة.
وكيف توجد هذه السمات؟ يقال إن الإنسان ساعة يؤمن يصير أهلا لاستقبال سمات الإيمان، وكلما دخل في منهج الله طاعة واستجابة أعطاه الله سمة جمالية تصير أصيلة فيه تلازمه ولا تفارقه وبالعكس من ذلك أصحاب النار فتبتعد عنهم سمات الجلال والجمال وتحل محلها سمات القبح والشناعة والبشاعة.
وإذا ما رأى أهل الأعراف أصحاب الجنة يقولون: سلام عليكم؛ لأن الأدنى منزلة- أصحاب الأعراف- يقول للأعلى- أصحاب الجنة- سلام عليكم.
وجماعة الأعراف هم من تساوت سيئاتهم مع حسناتهم في ميزان العدل الإلهي الذي لا يظلم أحداً مثقال ذرة. {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 6-9].
ويا رب لقد ذكرت الميزان، وحين قدرت الموزون لهم لم تذكر لنا إلا فريقين اثنين.. فريق ثقلت موازينه، وفريقاً خفت موازينه، ومنتهى المنطق في القياس الموازيني أن يوجد فريق ثالث هم الذين تتساوى سيئاتهم مع حسناتهم، فلم تثقل موازينهم فيدخلوا الجنة، ولم تجف موازينهم فيدخلوا النار، وهؤلاء هم من تعرض أعمالهم على (لجنة الرحمة) فيجلسون على الأعراف. ومن العجيب أنهم حين يشاهدون أهل الجنة يقولون لهم سلام عليكم على الرغم من أنهم لم يدخلوا، لكنهم يطمعون في أن يدخلوا، لأن رحمة الله سبقت غضبه. {... ونَادَوْاْ أَصْحَابَ الجنة أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46].
وبطبيعة الحال ليس في هذا المكان غش ولا خداع.
وماذا حين ينظرون إلى أهل النار؟

{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(47)}
انظر إلى التعبير القرآني {صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ} أي لم يصرفوا أبصارهم لأن المسألة ليست اختيارية؛ لأنهم يكرهون أن ينظروا لهم لأنهم ملعونون، وكأن في {صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ} لونا من التوبيخ لأهل النارُ.
وقوله الحق: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ} أي جهة أصحاب النار يقولون: {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القوم الظالمين}.
هنا يدعو أهل الأعراف: يا رب جنبنا أن نكون معهم. إنهم حين يرون بشاعة العذاب يسألون الله ويستعيذون به ألا يدخلهم معهم.
ويقول الحق سبحانه: {ونادى أَصْحَابُ الأعراف...}.

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ(48)}
وكأن أصحاب الأعراف قد صرفت أنظارهم لأصحاب النار ويرون فيهم طبقات من المعذبين، فهذا أبو جهل، وذاك الوليد، ومعه أمية بن خلف وغيرهم ممن كانوا يظنون أن قيادتهم لمجتمعهم وسيادتهم على غيرهم تعطيهم كل سلطان وكيان، وكانوا يسخرون من السابقين إلى الإسلام كعمار وبلال وصهيب وخباب، وغيرهم ممن عاشوا للحق مع الحق، فيقول أهل الأعراف لهؤلاء: {ما أغنى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ}.
وكأنهم يقولون لهم: إن اجتماعكم على الضلال في الدنيا لم ينفعكم بشيء.. شياطينكم، والأصنام والسلطان لم ينفعوكم وكذلك استكباركم على الدعوة إلى الإيمان هل أغنى عنكم شيئاً؟ لا. لم يغن عنكم شيئاً.
ويقول الحق بعد ذلك: {أهؤلاء الذين أَقْسَمْتُمْ...}.
بواسطة (1.1ألف نقاط)

اسئلة مشابهه

0 إجابة
91 مشاهدة
سُئل مارس 1، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
174 مشاهدة
سُئل أكتوبر 14، 2019 بواسطة مجهول
2 إجابة
952 مشاهدة
0 إجابة
112 مشاهدة
0 إجابة
119 مشاهدة
0 إجابة
117 مشاهدة
سُئل فبراير 25، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
121 مشاهدة
سُئل فبراير 19، 2020 بواسطة مجهول
0 إجابة
103 مشاهدة
سُئل نوفمبر 2، 2019 بواسطة مجهول
0 إجابة
76 مشاهدة
0 إجابة
121 مشاهدة