261 مشاهدة


الشك:

ميز الله عز وجل الإنسان عن غيره بكثير من النعم التي يجب عليه أن يشكره عليها، كالعقل مثلاً والشك، فالشك هو حالة نفسية توقع الإنسان باللبس بين التصديق والتكذيب، وهو درجة منطقية ضرورية وحتمية الحدوث عندما تخلو النفس من المقدمات المثبِتة لأحد البديلين (حقيقة) (خطأ) ويعبر عن التردد في أمرين، وهو من المشاعر البشرية ومحله الفؤاد لا القلب، الا يشترط أن يكون بسوء.

والشك عند الأصوليين هو إجازة أمرين لا ميزة بينهما، وفي حال تميز أحدهما أصبح ترجيح وأمر راجح، كما استخدم في الفلسفة لإثبات الوهم الذي من شأنه أن يشغل تفكير العقول البشرية عند محاولة اكتشاف العالم.

كما أن الشك نوعان، وهما:

١.الشك السوي، وهو الشك الموجود عند كل البشر.

٢.الشك الغير سوى، أو ما يعرف بالشك المرضي، وهو عبارة عن أوهام وخزعبلات اضطهادية غير حقيقة يعتقد أصحابها أنهم إن حدثت معهم سيصابون بمكروه.

الشك المرضي أو ما يعرف بالوساوس القهري:

مرض يحدث بسبب صدمة قديمة أو ضغوطات نفسية أو تشنجات لا إرادية أو اكتئاب، ويعرف بأنه حالة سيكولوجية يعاني أصحابها من الأفكار السيئة الغير قابلة للتفسير، وتؤدي بذلك للقيام بأفعال معينة بشكل متكرر تعرف باسم الدوافع كي يخلقوا أسباباً غير حقيقية. ولما تتداخل الأفكار والدوافع مع النشاطات اليومية واخلتطت فإنها تسبب له حالة مرضية نفسية

تعتبر الأفكار الوسواسية، وهي تخيلات متكررة مكروهة وغير مرغوب فيها تسبب القلق والإزعاج، والأفعال القهرية، وهي ما يقدم عليه المريض من تصرفات لتخفيف القلق الإزعاج، من أعراض هذا المرض النفسي

علاج المرض

بما أنه مرض نفسي، فمن المؤكد أن العلاج سيكون نفسياً أو سلوكياً، ويتم ذلك بالتعاون مع الطبيب المختص والمريض لتجزئة الأفكار والمشاعر التي تعتريه وتشجيعه على مواجهة مخاوفه والتغلب عليها، ثم حل المشاكل من الأبسط للأكثر تعقيداً

وفي حالات معينة لا ينفع العلاج السلقوكي مع المريض فيضطر الطبيب لإعطائه الدواء، وهذا الدواء عبارة عن مثبطات امتصاص السيروتونين الإنتقائية.

للوسواس القهري أو المرض الشبكي تأثيرات على المريض ومن حوله، بحيث قد تلحق بهم المشكلات، مثل:

١.الطلاق والتفكك الأسري، ويذهب الأطفال الضحية الأولى لهذه المشكلات

٢.مشاكل العمل والخلافات التي قد تحدث بين المريض والموظفين وأحياناً المدير بسبب تصرفاته الغير مألوفة، وقد تتطور الأمور وتصل لطرده من العمل

٣.العنف الجسدي والشجارات والتي قد تصل لجرائم قتل بشعة تزهق فيها الأرواح

الظن:

فالظن لغة كما ورد في معجم الوسيط أنه إدراك ذهن المرء للشيء مع ترجيحه، وقد يكون مختلطاً مع اليقين، وهو إجازة أمرين يكون أحدهما ذا احتمال أكبر ويعتمد تصديقه على الأدلة والبراهين دون وجود النقيض. أخبرنا الفيروزبادي أن الظن هو التردد الذي يرجح أمرين يعتقَد صحتهما دون الجزم بأحدهما، بمعنى أنه يقين، لكن اليقين هو الاعتقاد الجازم دون وجود الظن، وإن لم يكن اعتقاداً جازماً أصبح ظناً، وهو أيضاً طرف من أطراف الشك، والظن الحسن فهو ترجيح الخيار الجيد وتفاصيله على السيء.

ينحدر الظن من أنواع المعرفة، وهم الإحساس، والظن، الاستدلال، والتعقل، فهو الحكم على الأمور المحسوسة بما هي عليه.

الفرق بين الشك والظن:

يتميز الظن عن الشك برجوح كفة أحد الاحتمالين وإن كان بنسبة ضئيلة، وبطبيعة الحال، لا يُقبل الظن في الإسلام بالأمور المتعلقة بالإيمان بالله عز وجل، ورسله، وكتبه، والحساب والعقاب، واليوم الآخر، والجنة والنار، أما الشك فهو يتساوى في الاحتمالان دون أن يتفوق أحدهما على الآخر؛ أنه لا يوجد حكم إيجابي أو سلبي بينها.

الشك في حكم من أحكام الله تعالى أو خبر من أخباره:

قول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يعني أن الإنسان يقر المرء ويوقن إيقاناً تاماً خالياً من الشك والريبة بأحكام الله عز وجل. فمن شك وارتاب بالله وأحكامه فإنه منافق ، وقد قال الله في كتابه فيهم “إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون” ،كما أن اليقين وعدم الشك شرط من شروط دخول الجنة

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله “فاليقين روح أعمالك القلوب التي هي أرواح أعمال الجوارح، وهو حقيقة الصديقية، وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره… ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نوراً وإشراقاً، وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط”، فوضح رحمه الله أهمية اليقين وبين أن غاية اليقين هي الإحسان،فمتى أيقن الإنسان بالله وبأحكامه ومشروعياته أحسن في عمله وأن الشك ينقض الإيمان ويلقي بصاحبه في نار جهنم، ويوقع صاحبه بكفر الشك والذي يشبه كفر الإعراض، إلا أن الفرق بينهما أن كفر الإعراض يتعلق بأعمال القلب وأفعاله، وقد يكون الشخص جاهلاً لا علم عنده. أما كفر الشك فله علاقة وطيدة بقول القلب لاحتلال شوط العلم.

ومن يشك في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أو شك بصدق كلامه أو بالبعثة أو بالقرآن، أو حتى شك بالكفر فهو كافر

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فائدتين تعلم الإنسان التخلص من الشك وتفهمه كل شيء:
الأولى: التنبيه إلى الفرق بين الشك والوسوسة، )فالوسوسة هي مما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، فإذا كرهه العبد ونفاه كانت كراهته صريح الإيمان)،أما الشاك فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو تارك للإيمان الذي لا نجاة ولا سعادة إلا به.

الثانية: يكون الشك أخص من الريب، ويكون الشاك كافراً بسبب الإخلال بشرط العلم الذي هو أصل قول القلب، والله أعلم.

نشر أكتوبر 2، 2019 بواسطة (524 نقاط)